كوكب الزُّهرة
يُعتبر كوكب الزُّهرة واحداً من أهمّ كواكب المجموعة الشمسيّة؛ فهو ثاني هذه الكواكب من حيث القُرب للشمّس، وهو يُعتبر من الكواكب الصخريّة ذات الكُتلة الصّلبة، مثله في ذلك مثلُ الأرض وعطارد والمرّيخ، ويختلف بذلك عن الكواكب الغازيّة التي ليس لديها سطحٌ يمكن الوقوف أو السّير عليه.
يشتهر كوكب الزُّهرة بشبهه الكبير لكوكب الأرض من نواحٍ كثيرة، من أهمّها حجمه، وتركيبه، وكثافته، وقوّة جاذبيّته، وكُتلته؛ فُقطره يصل إلى أكثر من 12,000 كيلومتر، وبالتّالي يكونُ الأكثر قُرْباً إلى حجم الأرض من بين الكواكب جميعها، إذ يُعادل قطره حوالي 955% من قطر الأرض نفسها، وعدا عن ذلك، فهو أقربُ الكواكب إليها من حيثُ المسافة الفعليّة عبر الفضاء، ففي أقرب حالاتهما تنخفضُ المسافة بين الأرض والزُّهرة إلى 42 مليون كيلومترٍ فحسب.[١]
بسبب كون مدار الزُّهرة في الفضاء أقرب إلى الشّمس من مدار الأرض فهو يتواجد دائماً في النّاحية نفسها من السّماء التي تتواجد بها الشّمس، ومن هنا فإنّ إمكانيّة رصد هذا الكوكب لا تتوافر إلا قبل أوقات شروق الشّمس بفترة قصيرة، وفي ما بعد مغيبها بوقت قصير، وبسبب ذلك فإنّ لهذا الكوكب أسماء مثل "نجمة المساء" أو "نجمة الصّباح"، وعندما يظهر هذا الكوكب في السّماء وتكونُ الشّمس قد غربت (أو لم تُشرق بعد) فإنّه يكونُ في العادة ألمع جرم سماويّ بادٍ للعَيان، إلا لو كان القمر موجوداً في السّماء أيضاً. ظُهور الزُّهرة حول أوقات مغيب وشروق الشّمس يجعلُ رؤيته صعبةً، فمع أنَّه يُعتَبر ساطعاً جدّاً بالنّسبة للكواكب الأخرى إلا أنّه يختفي تماماً في ضوء الشّمس الشّديد، وتستحيلُ رؤيته إلا بعد اختفاء الشّمس من السّماء أو قبلَ ظهورها، لكن ذلك لا يحدثُ إلا لفتراتٍ قصيرة لا تتجاوزُ السّاعة أو الاثنتين.[١]
سبب تسمية كوكب الزُّهرة
أُطلق عليه اسم فينوس (باللاتينيّة: Venus) تيمّناً بإلهة الحب والجمال لدى الإغريق القُدماء، أمّا السّبب وراء تسميته باسم الزُّهرة؛ فقد ورد في لغة العرب أنّ الزُّهرة مُفردةً تعني البياض، والحسن، والجمال، والأزهر يعني الأبيض الوضّاء المُستنير. وقد استمدّ العرب هذا الاسم من كون هذا الكوكب أحد الكواكب التي تسطع في السّماء للنّاظر من الكرة الأرضيّة، وذلك يرجع إلى انعكاس كميّات كبيرة من أشعّة الشّمس المُضيئة، وهذا يرجع بدوره إلى بُنية الغلاف الجويّ لكوكب الزُّهرة التي تمتاز بالكثافة المُرتفعة والكبيرة من السّحب الكبريتيّة. والزُّهرة في اللّغة العربيّة هو البياض النيّر، أي الكوكب الأبيض، والزُّهرة من الأجرام شديدة الوُضوح في سماء الأرض، فهو يُعتبر أسطع الكواكب في السّماء، ولا يتجاوز لمعانهُ - من كلّ الأجرام التي تُرَى من الأرض - سوى الشّمس والقمر.[٢][٣]
الخصائص المداريّة لكوكب الزُّهرة
يدورُ كوكب الزُّهرة حول محوره بعكسِ الاتّجاه الذي تدورُ فيه جميع الكواكب السّبعة الأخرى؛ فعندَ النّظر إلى أيّ كوكب من فوق قُطبه الشماليّ (إذ تنعكس الأمور في حال النّظر من أسفل القطب الجنوبيّ) سيبدُو وكأنّه يدور مع اتّجاه عقارب السّاعة، بينما يدورُ الزُّهرة بعكس عقارب السّاعة، بالتّالي وبالنّسبة لطريقة مُعاملة الاتّجاهات على الأرض، تبدُو الشّمس على الزُّهرة وكأنَّها تشرقُ من الغرب وتغربُ في الشّرق. تُوجد نظريّة علمية تقولُ بأنّ السّبب قد يكونُ اصطدام كويكبٍ عملاقٍ فيه بالماضي. وتُوجد سمةٌ أخرى غريبةٌ في دوران الزُّهرة؛ فهو بطيءٌ جدّاً في دورته حول محوره، إذ يأخذ فترةً أطول من أيّ كوكب آخر؛ حيث يحتاج الزُّهرة لإتمام الدّورة الواحدة حول نفسه إلى 241 يوماً أرضيّاً تقريباً، وفي الحقيقة، يُتمُّ الزُّهرة دورةً حول الشّمس في أقلّ من ذلك، فهو لا يحتاجُ إلا لحوالي 225 يوم أرضيّ لإتمام مداره.[٤]
وبما أنَّ دورة الكوكب حولَ نفسه تُسمَّى اليوم، ودورته حول الشّمس تُسمّى السّنة، فمن المُمكن القول أنّ اليوم على الزُّهرة أطول من السّنة. ورُغْم ذلك، لا تشهدُ أيّ بقعة من كوكب الزُّهرة ظلاماً تامّاً لسنة، والسَّببُ هو أنّه في أثناء دورانه حول نفسه يكونُ بالفعل قد قطع قسماً طويلاً من مداره حول الشّمس، ممَّا يسمحُ بشروق الشّمس وغُروبها (بالنّسبة لراصدٍ يقف على الزّهرة) قبلَ أن يُنهي الكوكب دورته حول نفسه، وعمليّاً، تشرق وتغرب الشمس على سطح الزّهرة مرّة واحدةً كلَّ 117 يوماً أرضياً.[٤]
طبيعة كوكب الزُّهرة
سطح كوكب الزُّهرة مُغطّىً بالجبال والسّهول البركانيّة المُؤلّفة من الحمم المُتجمّدة، وقد خضعت بُنية هذا الكوكب للعديد من الدّراسات والأبحاث من المُختصّين، كما خضعت للتّخمينات العلميّة. والسَّببُ في ذلك هو استحالة رؤية سطح كوكب الزُّهرة من الفضاء الخارجيّ؛ فأجوائه مُغطّاة بسُحبٍ كثيفةٍ وسميكة جدّاً بحيثُ لا يمكن النّفاذ لأي جزء من السّطح. وقد استمرّت الدّراسات المُختلفة إلى أواخر القرن العشرين عندما استطاع العُلماء الوصول بأولى المركبات الاستكشافيّة إلى سطحه بعد إرسالها ببعثاتٍ مُخصّصة لذلك.[٥]
الغلاف الجويّ لكوكب الزُّهرة مُحَاطٌ بطبقاتٍ شديدة الارتفاع من السّحب الكبريتيّة، ولهذا السَّبب تُعتبر أجوائه سامَّة جدّاً للإنسان وجُلّ الكائنات الحيّة، وللسبب نفسه، يرتفعُ الضّغط الجويّ على سطح الزُّهرة بدرجة هائلة بسبب سماكة سُحُبه، إذ لا يُمكن للإنسان العيشُ تحت الضّغط الموجود على سطحه. وينتجُ عن السُّحب المليئة في الغلاف الجوي للزُّهرة حُدوث ظاهرة احتباسٍ حراريّ، حيثُ لا يُمكن للحرارة داخل الزُّهرة أن تنعكسَ للفضاء أو تتطايَر في الهواء، بل تبقى مُحتسبة بقوّة بسبب النّسبة العالية من الغازات الدّفيئة، وبالتّالي فإنَّ درجة حرارة الكوكب مُرتفعة جدّاً، فهو الأسخن من بين جميع كواكب المجموعة الشمسيّة. تصلُ حرارة سطح الزُّهرة إلى أكثر من 460 درجة مئويّة، ممَّا يعني أنّها قادرةٌ على إذابة الفولاذ الخالص.[٥]
هذا وتقدّر مساحة سطح الكوكب بحوالي ستمئة وأربعين مليون كيلومتر مُربّع تقريباً، أما حجمه فيُقدّر بحوالي ستمئة مليار كيلومتر مُكعّب تقريباً، في الوقت الذي تبلغ فيه كتلة هذا الكوكب ما يقترب من 4.9*10^24 كيلوغراماً تقريباً، أمّا بالنّسبة للجاذبيّة على سطح الكوكب فتُقدّر بحوالي 8.78 متراً لكلّ ثانية مُربّعة تقريباً، وتبلغُ قوّة مجاله المغناطيسيّ 0.000015 من مجال الأرض.[١]
الطالبة؛عبيرغازي .
تعليقات
إرسال تعليق